لتكُن زهرةَ الحياةِ الدُّنيا تحتَ أقدامِ مَن يقتتلون لأجلها، فقط يا ربّ هبْ لنا سكينة النفس وقلبًا غيرَ مُضطرب..
"إنه سكينة النفس واطمئنان القلب.."
طلبَ أقوامٌ السعادةَ في المالِ وحدَهُ...فاستحالت دنانيرهم عقاربَ تلسعْ وحيّاتٍ تنهش لمَّا حصلوها وفقدوا النفس المطمئنة...
وطلبها أقوام في المناصب وحدها...فاستحالت مناصبهم مضاجع مِن جمراتِ اللهب تقضهم لمَّا حصلوها وفقدوا النفس المطمئنة...
وطلبها أقوام في الشهرة والسُّمعة وحدها، فاستحال ذكرُ الناسِ وثناؤهم كلاليب تخطفهم وتهوي بهم لمَّا حصلوها وفقدوا النفس المطمئنة...
وطلبها...وطلبها....وطلبها...وطلبها....إلى آخر فريق المقتتلين أمام لعاعة مِن الدنيا لا تساوي شربة ماء...
أما أولئك القوم الفطّن....فرأوا ما تصنع الدنيا بأترابهم ...وتفكروا فإذا كل ذلك ظلّ زائل وليس يبقى سوى ما يورث القلب طمأنينته ويحفظ على النفس سكينتها = فجعلوا همّهم ورأس مرادهم سكينة النفس وقلبًا غيرَ مُضطرب...
طلبوا ذلك في الإيمان بمالكِ النفس والقلب ومُصرّفهما جلّ وعلا = فإذا الحياة بتصاريفها لونًا من جهاد يُستعذب آخره..
طلبوا ذلك في علم ينفع ويُنجّي = فكانت فرحةَ الواحد منهم بالمسألة يتعلّمها تعدل فرحة الرجل بالبكر العروب يُرزقها مِن غيرِ كُلفة ولا مؤنة، وتفوق فرحةَ العقيمِ يُرزق بالولد بعد أن ظن أن لن يرزقا...
طلبوا ذلك في ودادٍ صافي مع إخوان مُتحابين = فكانَتْ نجوى النفوس بينهما تورِث القلب نعيمًا يظُنّ صاحبَهُ أنْ قد جُمعَتْ لَهُ الدُنيا مِن أطرافها، فيا سعادة المتحابين في جلالك يا رب..
طلبوا ذلك في ركعتين يصفّ فيهما الواحد قدمَهُ بين يدي الواحد الأحد يناديه ويناجيه يرغب إليه ويرهب منه، قد أناخَ كلّ طالبٍ ركائِبَهُ ببابِ مطلوبِه، وقرع هو أبواب السماء فيوشك أن تفتح بالخير المنهمر.
طلبوا ذلك في القرآنِ فكانَ لهم خيرَ واعظٍ مُذكّر، ونِعْمَ ناصحٍ لمن تدبّر، فاطمئنت به قلوب من ذكر، وكان فيه عبرة لمن يعتبر..
وطلبوا...وطلبوا...وطلبوا....جاعلين ندائهم...اللهم ارزقنا سكينة نفس وقلبًا غير مضطرب..
-
- أحمد سالم ( أبو فهر)
21 - Nov-2006

تعليقات
إرسال تعليق