التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفرق بين النصيحة والتأنيب - ابن القيم




* قال ابن القيم - رحمِهُ الله - في كتاب الروح (ص: 716-717):


والفرقُ بينَ النصيحةِ والتأنيب أنّ النصيحة إحسانٌ إلى مَنْ تنصحه بصورةِ الرّحمة له، والشفقة عليه، والغيرة له.
وعليْهِ فهو إحسانٌ محض، يصدر عن رحمةٍ ورقّة، ومرادُ الناصحِ بها وجهَ اللهِ ورضاه والإحسان إلى خلقه، فيتلطّف في بذلِها غاية التلطّف، ويحتمل أذى المنصوح ولائمته، ويعامله معاملة الطبيب العالم المشفق للمريض المشبع مرضًا، فهو يحتمل سوء خُلقِه وشراسته ونفرته، ويتلطف في وصول الدواء إليه بكل ممكن. فهذا شأن الناصح.

وأما المؤنّب، فهو رجلٌ قصدُه التعيير والإهانة وذمّ مَن يؤنبه وشتمه في صورة النُصح. فهو يقول له يا فاعل كذا وكذا، يا مستحقًا للذم والإهانة، في صورةٍ ناصح مشفق. 
وعلامة هذا أنه لو رأى من يُحبّه ويُحسن إليه على مثل عمل هذا أو شرٌ منه لم يعرض له، ولم يقل له شيئًا. ويطلب له وجوه المعاذير فإن غلب قال: وأيَنا  ضمنت له العصمة؟ والإنسان عرضة للخطأ، ومحاسنه أكثر من مساويه، والله غفور رحيم، ونحو ذلك. 
فيا عجبًا كيف كان هذا لمن يحبه دون من يبغضه؟ وكيف كان حظ ذلك منك التأنيب في صورة النصح، وحظ هذا منك رجاء العفو والمغفرة وطلب وجوه المعاذير؟
ومن الفروق بين الناصح والمؤنب: أن الناصح لا يعاديك إذا لم تقبل نصيحته، وقال قد وقع أجري على الله، قبلت أو لم تقبل. ويدعو لك بظهر الغيب، ولا يذكر عيوبك ويبثها في الناس. والمؤنب بضد ذلك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لم ينتهِ الحبّ..

لم ينتهِ الحبُّ، لكن صبرنا نفِدا ! وعلّةُ الحبّ من ينسى الذي وعدا.. قلنا نعودُ غدًا ما حلّ فيه فلَم نُوفِّ في الغدِ ما قلنا يكونُ غدا ؟! قلنا نعودُ وحمّلنا الهوى أملاً ، أكانَ كلُّ الذي قلناهُ محضَ سُدى ؟! اليومَ أُعلنُ أنَّ البُعدَ منتصرٌ ، على الوفاءِ، وأنّ الشوقَ قد بَرُدا ! وأنَّ للوقتِ آثارًا نلاحظُها، على الحنينِ، وأن°˖للانتظارِ مدى.. وأنَّ ما كان في العينينِ مشتعلاً ، ما عادَ لمّا أطَلنا البينَ متّقدا ! وأنَّ أكذبَ وعدٍ قد نواعدهُ ، وعدٌ يكون مداهُ : العمرَ والأبدا.. لم ينتهِ الحبُّ، حاشى الحبَّ في دمنا أن ينتهي وهو من هذي الدما عُقِدا ولا نقول سرابٌ ما مضى، أبدًا ! ولو جحدناه دمعُ العينِ ما جَحدا.. لهُ علينا شهودٌ كلّما طرقت ذكرى لهُ، زلزلت في طرقها الجسدا .. لكنَّ للروحِ حدًّا لا تجاوزهُ في الصبرِ، والبعدُ فاقَ الصبرَ والجلدا ! اللهُ يشهدُ أنّي ما ارتضيت لنا جراحنا والأسى والحزنَ والكمدَا ولا رضيتُ لماضينا وقصتنا ، هذي النهايةَ، والأوجاعَ والنكدَا ولا انتهى الحبُّ في قلبي، وما فُقِدت مشاعري، لكنِ الصبرُ الذي فُقِدا !! اليومُ أُخفِضُ راياتي وأُسلِمُها للوقتِ،...

مُقال مُختار : النبوغ - مصطفى لطفي المنفلوطي

- من العجز أنْ يزدري المرء نفسه فلا يقيم لها وزنًا، وأنْ ينظر إلى من هو فوقه من الناس نظرَ الحيوان الأعجم إلى الحيوان الناطق. وعندي أنَّ مَن يخطئ في تقدير قيمته مستعليًا خيرٌ مِمَّن يخطئ في تقديرها متدليًا، فإنَّ الرجل إذا صَغُرَتْ نفسُه في عين نفسه يأبى لها مِنْ أحواله وأطواره إلا ما يشاكل منزلتها عنده، فتراه صغيرًا في علمه، صغيرًا في أدبه، صغيرًا في مروءته وهمته، صغيرًا في ميوله وأهوائه، صغيرًا في جميع شئونه وأعماله، فإن عَظُمَتْ نفسه عظم في جانبها كلُّ ما كان صغيرًا في جانب النفس الصغيرة. ولقد سأل أحد الأئمة العظماء ولده، وكان نجيبًا: «أيَّ غايةٍ تطلب في حياتك يا بُنَيَّ؟ وأيَّ رجلٍ من عظماء الرجال تحب أن تكون؟» فأجابه: «أحب أن أكون مثلك.» فقال: «ويحك يا بنيَّ، لقد صغرت نفسك، وسَقَطَتْ هِمَّتُكَ، فلتبكِ على عقلك البواكي! لقد قدَّرتُ لنفسي يا بنيَّ في مبدأ نشأتي أن أكون كعليِّ بن أبي طالب، فما زلت أجِدُّ وأكدح حتى بلغت المنزلة التي تراها، وبيني وبين عليٍّ ما تعلمُ من الشأو البعيد والمدى المستحيل، فهل يسرُّك — وقد طلبتَ منزلتي — أن يكون ما بينك وبيني من المدى مثل ما بيني وبين عل...

ملخص محاضرة: القراءة والمعرفة في زمن شبكات التواصل - للأستاذ عبد الله الوهيبي

عنوان المحاضرة: القراءة والمعرفة في زمن شبكات التواصل. المُحاضِر فيها: أ. عبد الله الوهيبي. مدّة المحاضرة:  1:15:48 -أهم عناصر المحاضرة: 1- ملامح المرحلة الجديدة في التواصل الإلكتروني (شبكات التواصل الاجتماعي). 2- آثار شبكات التواصل الإجتماعي: (اجتماعية - نفسية - اقتصادية - أخلاقية وقانونية - سياسية - علمية ومعرفية). 3- أفكار عملية للقراءة واستثمار شبكات التواصل. من ملامح المرحلة الجديدة: أرقام سريعة لشبكات التواصل: عدد المستخدمين النشطين 3 مليار و400 مليون نقريبًا موزّعين على الفيسبوك والواتساب وتويتر وإنستاجرام واللاين. إحصائية استخدام الشبكات في السعودية: 14% = أقل من ساعتين. 24% = بين 2 و4 ساعات. 13% = بين 4 إلى 8 ساعات. 5% = أكثر من 8 ساعات. 42%= متصل دائمًا. - في أكثر من7 منصّات لشبكات التواصل الاجتماعي يتفوّق الحضور النسائي بنسبة جيدة على الرجال [ سناب شات، إنستاجرام ، واتس آب، تويتر، فيس بوك ] آثار شبكات التواصل: 1- آثار اجتماعيّة 2- نفسيّة 3- اقتصاديّة 4- قانونية و أخلاقية 5- علميّة ومعرفية 6- سياسية 7- صحيّة 8- تربوية. - الآثار الاجتماعية:   1- ض...