(1)
الإقرار بحقيقة الضعف الكامن في خلقتنا لا يعني اتخاذه حجّة للتخاذل أو مبررا للانغماس في القهر النفسي والعجز الوجداني،
إذ أنّ في تركيبنا كذلك تطلعا للمعالي وتشوقا للجد في معاملة الحياة، الذي منه بذرة القدرة على التكليف.
فإننا لم نكلف على الرغم من ضعفنا بل وفاقا له ، فالخلقة من الخالق والتكليف من الرب الذي خلق.
لذلك لا الضعف مانع صاحبه من أخذ حياته بقوة، ولا أخذ الحياة بقوة مانع صاحبه من الانزلاق لما لا بد لابن آدم أن يذوقه من ضعف بدني ووجداني وحزن وألم وانجراف وراء الهوى ... فإنما هي أحوال وأطوار النفوس في الحياة ، وكل حول وكل طور له عبودية وقته.
(2)
أهم ما ينبغي أن يستحضره كل فرد في نفسه، أن مسؤولية استنهاض نفسه من رقدتها، وزحزحتها من إخلادها، ودفعها أو جرجرتها بصبر ودأب من قاع الاختناق لسعة التنفس .. كل هذا مسؤولية كل فرد على نفسه وفي نفسه وبنفسه .
نعم، نتواصى بالحق ونتواصى بالصبر، لكن التواصي جهة، والمثابرة على ما نتواصى به والاستمرار عليه ولو بأدنى قدر حتى في أحلك الأوقات النفسية جهة أخرى، والجهتان منفكتان .
ونحن لا نحب أن نقر بذلك الانفكاك بين الجهتين، ونتكوّر في رَحِم الضعف مفضلين ظلمته على وجع مخاض النور وميلاد القوة، فنظل دائما معلقين بأطواق النجاة الخارجية، منتظرين الصحبة الصالحة أو الصديق القوي أو الشخصية الملهمة، فإن لم نجد، أو وجدنا حينا ثم فقدناهم حينا، نلومهم على تركنا لضعفنا، ونحقد عليهم استغناءهم عنا بقوتهم .
(3)
ووالله ما منا إلا ضعيف
ووالله ما القوة إلا بالله
هاتان الحقيقتان اللتين نخطئ دائمًا تقديرهما حق قدرهما
وهاتان الحقيقتان اللتين بهما تتفاوت مدى قوة الناس وصلابتهم، ويتفاوت مدى الحضيض الذين يمكن أن ينجرف إليه كل واحد في نفسه، فيستنهض نفسه منه أو يخلد إليه حتى يُقبض على ذلك!
(4)
إن الاستسلام المتخاذل للضعف مُتعب موهِن، والتعاطف مع ضعف الغير ومد سواعد الانتشال والاتكاء مُتعب مرهق، لأنه يضيف حملا لصاحب الساعد فوق حمل نفسه الأساسي. فبينما يزداد الأول وهنا بعدم بذله جهدًا صادقًا لأجل نفسه، يزداد الآخر إرهاقا بما يستنزف من طاقة تصير بددا لا مددا!
والمشكلة كلها في أننا إما أن نطرق الأبواب الخاطئة، أو نطرق الطرق الخاطئ، أو نرفض الدخول حتى بعد فتح الباب!
(5)
خُلاصة النصح :
- إياك أن تعوّل على مخلوق أبدا مهما يكن حاله.
- وإياك أن تعفي نفسك من مسؤولية نفسك مهما يكن حالك.
- وإياك أن تجعل ربك آخر ملاذك ، أو تصادر أحكامه بأحكامك.
• قد منّ الله عليك بالإسلام فلا تكفُرُه.
• وأدخلك في حِمى الديانة بفضله فلا تُخرِج نفسك منها بحماقتك.
• باب ربك مفتوح فلا تغلقه.
• وحياتك مستمرة فلا توقفها.
• وقبرك آتٍ فلا تتعجله.
- ولا تَبِع نفسك بنفسك، فإن عاقبة ذلك على نفسك..
.
أ.هدى عبد الرحمن النمر
رابط المقال الأصلي: هُنـــا
لم ينتهِ الحبُّ، لكن صبرنا نفِدا ! وعلّةُ الحبّ من ينسى الذي وعدا.. قلنا نعودُ غدًا ما حلّ فيه فلَم نُوفِّ في الغدِ ما قلنا يكونُ غدا ؟! قلنا نعودُ وحمّلنا الهوى أملاً ، أكانَ كلُّ الذي قلناهُ محضَ سُدى ؟! اليومَ أُعلنُ أنَّ البُعدَ منتصرٌ ، على الوفاءِ، وأنّ الشوقَ قد بَرُدا ! وأنَّ للوقتِ آثارًا نلاحظُها، على الحنينِ، وأن°˖للانتظارِ مدى.. وأنَّ ما كان في العينينِ مشتعلاً ، ما عادَ لمّا أطَلنا البينَ متّقدا ! وأنَّ أكذبَ وعدٍ قد نواعدهُ ، وعدٌ يكون مداهُ : العمرَ والأبدا.. لم ينتهِ الحبُّ، حاشى الحبَّ في دمنا أن ينتهي وهو من هذي الدما عُقِدا ولا نقول سرابٌ ما مضى، أبدًا ! ولو جحدناه دمعُ العينِ ما جَحدا.. لهُ علينا شهودٌ كلّما طرقت ذكرى لهُ، زلزلت في طرقها الجسدا .. لكنَّ للروحِ حدًّا لا تجاوزهُ في الصبرِ، والبعدُ فاقَ الصبرَ والجلدا ! اللهُ يشهدُ أنّي ما ارتضيت لنا جراحنا والأسى والحزنَ والكمدَا ولا رضيتُ لماضينا وقصتنا ، هذي النهايةَ، والأوجاعَ والنكدَا ولا انتهى الحبُّ في قلبي، وما فُقِدت مشاعري، لكنِ الصبرُ الذي فُقِدا !! اليومُ أُخفِضُ راياتي وأُسلِمُها للوقتِ،...
تعليقات
إرسال تعليق