أَرْجُوكَ اسْمعْ مَا لا أقُولُهُ
لا تَنْخَدِعْ بِي
لا تَنخَدِعْ بالوَجهِ الذي تَرَاهُ
فَأنا أضَعُ قِنَاعًا؛ بل ألفَ قِناعٍ
وكُلُّها أقنِعةٌ أخَافُ أنْ أنزِعَهَا عنِّي
ولَيسَ مِنهَا مَن هُوَ أنَا!
.
الادِّعَاءُ فنٌ .. أصْبَحَ طَبِيعةً ثَانِيةً لِي
لا تَنْخَدِعْ بِي
حُبًا باللّهِ لا تَنخَدِع بِي
فَأنَا أُعْطِيكَ انطِباعًا بأنِّني أشْعُرُ بِالأمَانِ
وبِأنَّ كُلَّ شَيءٍ في الدَّاخلِ والخَارِجِ هَادِيءٌ ومُشرِقٌ
وبِأنَّ الثِقةَ اسمِي والهُدُوءَ لُغَتِي
وبِأنَّ المِياهَ تَسيرُ فِي مَجارِيهَا
وأنَا أتَحَكَّمُ بِكلِّ شَيء
وبِأنِّي لا أَحتَاجُ أحَدًا
وَلكِن لا تُصَدِّقْنِي !
..
قَد يَبدو وَجْهِيَ هَادِئًا ؛ وَلكنَّ وَجهِيَ هُو قِنَاعِي ..
مُتَغيِّرٌ دَائِمًا، مُقَنَّعٌ دَائمًا، تَحتَه لا رِضَا
تَحتَه تَقبَعُ الحِيرةُ والخَوفُ والوِحْدَة
وأنَا أُخْفِي هَذا كُلَّهُ .. وَلا أُريدُ أنْ يَعلَمَ أحَدٌ بهِ
.
أُصَابُ بِالذُّعْرِ لِمُجرَّدِ التَّفكيرِِ فِي ضَعفِي وَأخْشَي انْفِضَاحَ حَقِيقَتِي
لِهَذا السَّببِ .. صَنَعْتُ قِناعًا لِاَختَبيءَ وَرَاءَهُ
وَاجِهَةً مُمَّوَهةً لا مُبَالِية، تُسَاعِدُني حَتَّي أَدَّعِي
تساعدُني عن الاحتجابِ عن النظرةِ التي تعلمُ حَقِيقَتي
..
تِلكَ النظرةُ هِي خَلاصِي وَأمَلِيَ الوَحِيدُ
وأنا اعلَمُ ذَلك
شَرطَ أنْ يتَّبِعَها تقبُّلُ الآخرَ لحَقِيقتي
شَرطَ أن يتَّبِعَها الحُبُ
وَهِي وَحدَها التي تُحَرِّرُنِي من ذَاتِي
من جُدرانِ السِّجنِ الذي بَنَيتُهُ بِنَفسي
من حَواجِزَ نَصَبتُها بِجُهدِي
.
إنَّها الشَيءُ الوَحيدُ الذي يُؤكِّدُ لي مَا لا أستَطِيعُ أن أُؤَكدَه لِنفسِي ..
أنَّ لي قِيمَةً مَا
ولكِنَّنِي لا أُخبِرُكَ بِهَذا
لا أتَجَرأُ؛ فَأنَا أخَاف
أخَافُ ألَّا تتَقبلَني بعدَ تِلك النَّظرة
أخَافُ ألا تُحبَّنيَ بعد تِلك النظرة
أخَافُ أن تَحْتقِرَنِي
أخَافُ أن تضْحَك
ضِحكَتُكَ ستَقْتُلَنِي !
.
أخْشَي أنْ أكُونَ نَكِرةً فِي أعمَاقي
ألَّا أكُونَ صَالِحًا
فَتَرانِي أنتَ علَي حَقِيقَتي وتَنْبُذَني
لِذا ! ألعَبُ لعبَتي .. لعبَةَ الادِّعَاءِ اليَائِس
فأبدُو لَكَ وَاثِقًا بِنَفسِي .. وأنا فِي الدَاخِلِ طِفلٌ مُرتَعِش
فيَبدأُ عَرضُ الأقنعةِ المُتَألقةِ الفَارِغَة
وتُصبِحُ حَياتِي وَاجِهَةً
وأُثَرثِرُ مَعكَ بِكلِمَاتي حِوَارًا سَطحِيًّا
وأخبِرُكَ كُلَّ شَيءٍ وَهو لا شَيء
وَلا أُخبِرُك شَيئًا عَمَّا هُو كُلُ شَيء
عَمَّا يَبْكِي في داخِلي
.
رَجَاءًا .. عندَما أُكَرِرُ هَذهِ التَصَرفاتِ أمَامَكَ لا يَخدَعنَّك مَا أقُول
رجَاءًا .. اِصْغِ جَيداً واِسمَع مَا لا أقُولُه
مَا أتمنَّي لو أنني أستطِيعُ قَولَه
ما أحتاجُ أن أقُولَه لِأبقَي حَيًّا .. لكنِّي لا أقدِرُ أن أقولَهُ
لا أُحبُ أن أَختَبِيء
لا أحِبُّ أن ألْعبَ الألعابَ الزائِفةَ السطحِية
أريدُ أن أُقلِعَ عن هذه الألعَاب
أريدُ أن أكونَ صَادِقًا عَفَويًّا
أريدُ أن أكونَ أنا !
..
ولكِن .. عليكَ أن تُسَاعِدَني
عليكَ أن تَمُدَ يَدَك .. حتي ولو بدا لكَ بأنَّ هذا آخِرُ شَيءٍ أرِيدُه
يمكنُكَ فقط أن تَمسَحَ عن عَيني تِلك النَّظرةُ الفَارغة
كنَظرةِ الميتِ الذي مازال يتَنفسُ
يُمكِنكَ فقط أن تَستَدعِيَني مُجَددًا إلي الحَياةِ
..
وفِي كلِّ مرةٍ تكُونُ معي لطيفًا ورقِيقًا ومُشَجِّعا
في كل مرةٍ تُحاولُ فيها أن تتَفَهَّمَني لِأنكَ تَهتَمُ لأَمري
يَنبُتُ لقلبيَ أجنِحةً
أجنحةً صغيرةً جدًا، ضعيفةً جدًا، ولكنها أجنحةٌ
بقُدرتِك علي تَحريكِ مَشَاعِري بِلمسَةٍ منكَ
بأن تَنفُخَ الحياةَ فِيّ
أريدُك أن تَعلمَ ذلك
أريدُك أن تعلمَ أهَمِّيتَكَ عِندي
أريدك أن تعلم أنه ُيمكنك أن تَجعلَني أُولَدُ من جَديد
إذا اخترَتَ أنتَ ذلِك
فأنت وَحدَك القادِرُ علي تَدميرِ الجِدارِ الذي خَلفَه أرتَجِف
وحدَك القادرُ علي إزالةِ القِناعِ عن وَجهي
وحدَك القادرُ علي تَحريري من عَاَلمِ ظَلامِ الخَوفِ والحِيرةِ ومن سِجنيَ المُقْفِر
إذا اخترتَ ذلك
رجاءً اختَر ذلك لا تتغاضَي عنِّي
اعلَمُ أنه ليسَ سَهلاً عليكَ أن تَتغاضى عنِّي !
.
جُدرانٌ صَلبةٌ قويةٌ بناها حَولي اقتِناعِي بعَدمِ جَدواي
كُلما دَنَوتَ أكثرَ مني .. كُلَّما ازدادت ضَرباتي عَشوائيةً
إنَّه أمرٌ غيرُ مَنطِقيّ
فرُغمَ ما تقُولُه الكتُبُ عن الإنسان .. أنا غَالبًا غيرُ مَنطقيّ
أصارِعُ الشيءَ الذي أنا بحَاجةٍ إليه أمَّسَ الحاجة
ولكن قد قِيل لي بأن الحُبَّ أقوي من الجُدرانِ الصلبة
وأنا في هذا أمَلي
فرَجاءًا .. اِهدِم تلكَ الجُدران
بِيدٍ ثابتة، بيدٍ رَقيقةٍ .. لأن الطِّفلَ حَساسٌ جدًا
.
مَن أنا ؟
أتَسألُني مَن أنا؟
أنا إنسانٌ تَعرِفُهُ جَيدًا
أنا؟ كُلُّ رَجلٍ تَلقاه
أنا؟ .. كُلُّ امرَأةٍ تلقاَها.
.
قصيدة : لـ تشارلز سي فين
(Charles C. Finn)
https://soundcloud.com/o_kaem/hq8xrxx2dnwm
تعليقات
إرسال تعليق