التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2019

على باب الهوى..

على بابِ الهوَى كنتُ أنا وحدي طَرقْتُ البابَ لم يُفتحْ خلعْتُ المِعطفَ البالي وقد قلتُ .. لشَخصٍ كانَ يَرمُقُني ولمْ يُفصِحْ : أَمِن أحدٍ وراءَ البابْ ؟ فلمْ يَعبأْ فقلتُ لهُ : أنا واقفْ .. ولن أبرحْ دعاني منهُ أقتربُ جلستُ أمامَهُ يَشرحْ وعَرَّفَني .. لماذا البابُ مَسدودٌ ولا يُفتحْ ، وحذَّرَني .. بأنَّهُ مَن أتَى للبابِ يَفتحُهُ فإما ماتَ مَهمومًا وإما خَلفَهُ يُذبحْ *** وراءَ البابِ غاباتٌ ، سماواتٌ ، وأنهارٌ مِن الياقوتِ والمَرْجَانْ بِمِسْكٍ شَطُّها يَنضَحْ وخلفَ البابِ أهوالٌ ، وإعصارٌ ، وريحٌ تَحملُ البُلدانَ تَنقُلُها إلى المَسرحْ أنا حاولتُ في يومٍ أُحطِّمُهُ .. ولم أنجحْ فحاوِلْ ربَّما تُفلِحْ *** وغابَ الشخصُ عن عَيني وصَاياهُ كَسكِّينٍ بكلِّ دَقيقةٍ تَذبحْ وهاأنذا ظَللتُ العُمرَ أنتظرُ .. أمامَ البابِ كي يُفتحْ ولم يُفتحْ وهاأنذا أرَى غيري أتَى يَسألْ .. أجبتُ وظنَّني أمزحْ فقلتُ البابُ يا ولدي لهُ مِفتاحْ بِبحرٍ ما عَرَفناهُ بهِ الحو...

جمالُ العابر..

العابرون سريعًا جميلون. لا يتركون ثقلَ ظلّ. ربما غبارًا قليلاً، سرعان ما يختفي. الأكثر جمالاً بيننا، المتخلّي عن حضوره. التارك فسحةً نظيفة بشغور مقعده. جمالاً في الهواء بغياب صوته. صفاءً في التراب بمساحته غير المزروعة. الأكثر جمالاً بيننا: الغائب. قاطعُ المكان وقاطع الوقت بخفَّةٍ لا تترك للمكان أن يسبيه ولا للوقت ان يذرّيه. مُذَرٍّ نفسه في الهبوب السريع غير تارك تبنًا لبيدره ولا قمحًا لحقل سواه. المنسحب من شرط المشي للوصول. المنسحب من الوصول. العابر سريعًا كملاكٍ مهاجر. غير تارك إقامة قد تكون مكانًا لخطيئة. غير مقترف خطيئة، غير مقترف  إ قامة. سريعًا تحت شمس لا تمسُّه، تحت مطر لا يبلّله، فوق تراب لا يبقى منه أثر عليه. سريعًا بلا أثر ولا إرث ولا ميراث. لم يُقم كفايةً كي يتعلَّم لغة. لم يُقم كي يتشرَّب عادات. لا لغة له ولا عادات ولا معلمين ولا تلاميذ. عابرٌ فوق اللغة، فوق العادات، فوق المراتب والأسماء والاقتداء. بلا اسم، فوق النداء والمناداة. وفوق الإيماءات، إلا إيماءة العبور. وبلا صوت، لأن الصوت ثقلٌ في الهواء. لأن الصوت قد يرتطم بآخر. قد يسحق صوتًا آخر في الفض...

مذكرّات.. 2- ( إن وراءك أرواحًا تتَّبِعُ خُطاك)

الثلاثاء ٧ جانفي ١٩٣٠م - أشعر الآن أني غريب في هذا الوجود، وأنَّني ما أزداد يومًا في هذا العالم إلا وأزداد غربة بين أبناء الحياة وشعورًا بمعاني هاته الغربة الأليمة. غربة من يطوف مجاهل الأرض، ويجوب أقاصي المجهول، ثمَّ يأتي يتحدَّث إلى قومه عن رحلاته البعيدة، فلا يجد واحدًا منهم يفهم من لغة نفسه شيئًا. غربة الشاعر الذي استيقظ قلبه في أسحار الحياة حينما تضطجع قلوب البشر على أسِرَّةِ النوم الناعمة، فإذا جاء الصباح وحدَّثهم عن مخاوف الليل وأهوال الظلام، وحدَّثهم في أناشيده عن خلجات النجوم ورفرفة الأحلام الراقصة بين التلال، لم يجد من يفهم لغة قلبه ولا من يَفْقَهُ أغاني روحه. الآن أدركت أنني غريب بين أبناء بلادي. وليت شعري هل يأتي ذلك اليوم الذي تعانق فيه أحلامي قلوبَ البشر، فترتِّل أغاني أرواح الشباب المستيقظة، وتدرك حنين قلبي وأشواقه أدمغة مفكرة سيخلقها المستقبل البعيد … أمَّا الآن فقد يئست. إنني طائر غريب بين قوم لا يفهمون كلمة واحدة من لغة نفسه الجميلة، ولا يفقهون صورة واحدة من صور الحياة الكثيرة التي تتدفَّق بها موسيقى الوجود في أناشيده. الآن أيقنت أنَّني بلبل سماوي قذفتْ...

سؤال وجواب..1-(كيف تعرف أن لك نَفْسًا؟)

س:  كيف تعرف أن لك نَفْسًا؟ ج:  أعرف أن لي نفسًا لأني أفهم، وأحس، وأريد. س:  كيف تعلم أنك تفهم؟ وما هو مظهر فهمك أو ذكائك؟ ج:  إِن مظهر ذكائي يتجلى لي كلما حفظت درسًا أو حللت مسألة، والفضل كل الفضل في ذلك للإِيضاحات التي أتلقاها عن أستاذي وأقاربي، فهي التي ترشدني إِلى كل ما هو حق وعدل ومحمود. س:  ما هو مظهر شعورك أو إِحساسك؟ ج:  إِن مظهر إِحساسي يتجلى لي كلما رأيت نفسي محمولًا على حب أشباهي ومواساتهم، فإِذا تراءى لي منظر جميل أو قُصَّ عليَّ نبأ عمل جليل تحركت نفسي وتنبهت عواطفي. س:  ما هو مظهر إِرادتك؟ ج:  إِن مظهر إِرادتي يتجلى لي كلما رأيت في نفسي ميلًا إِلى اللهو واللعب فخالفتها، ونزعت إِلى العمل، وكلما هممت بارتكاب أمر ملوم فقاومتها حتى أصرفها عنه، وكلما وقفت موقف الخيار بين شيئين، فوطنتها على اختيار أشرفهما وإِن كان مرًّا وصرفتها عن أجملهما وإِن كان حلوًا. س:  ما الذي يأذن لك بتحقيق تلك المظاهر: مظاهر الفهم، والإحساس، والإِرادة؟ ج:  سريرتي أو ضميري. س:  ما هي السريرة أو الضمير؟ ج:  هي ذلك...

لن نعدمُ مِن ربٍّ يضحكُ خيرًا!

كيف لنا أن يصيبنا اليأس أو القنوط، ولنا ربٌ كريم، عفوّ غفور، يقبل التوب ويغفر الذنب ويستر العيب ..و يردّ المُسيء ويقبل الآيب إليه.. يُجازي عن الإحسانِ إحسانا .. ويجازي عباده بأحسنِ ما كانوا يعملون! يبسط يده بالليل .. ليتوب مُسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيئ الليل .. ينزل تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ،فيقول من يدعوني فأستجيب له؟، من يسألني فأعطيه؟، من يستغفرني فأغفر له؟ قبِلَ -سبحانه- عبدًا آتاهُ تائبًا توبةً نصوح بعد أن قتل مائة نفس! وأدخَلَ بغيًّا الجنّة بإحسانها لكلبٍ سقتْه! ربّنا الرحمنُ الرحيم سبحانه .. الكريم الجميل. يُحب التوابين ويُحب المتطهرين .. ويرضى عن العبد بأقل القليل ما أخلصَ فيهِ إليه. فيرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ فيحمدهُ عليها ويشربَ الشربة فيحمده عليها يجازي عن الحسنةِ بعشرِ أمثالها إلى ما شاء سبحانه مِن أضعاف. ويجازي عن السيئة بمثلها .. وإن شاء غفرها له وإن شاء بدّلها لحسنة بعد التوبة.. لو تحدثنا عن عفوه ما كفانا الليل والنهار حديثا حتى تطلع شمس الآخرة .. ولو تحدثنا عن كرمه وجوده ما كفانا الوجد حديثا .. هو ا...

رحلة مع كتاب 1- ( رقائق القرآن )

عنوان الكتاب: رقائق القرآن المؤلف: إبراهيم بن عمر السكران عدد الصفحات: 175 مع الكِتاب: كتابٌ مميز لـ إبراهيم عمر السكران، عبارة عن خطرات وتدبرات في آيات القرآن ومعانيه، واستخلاص المعاني الإيمانية وربطها بأفعال الإنسان الحياتية والواقع المُعايش.. مع وصف لبعض أفعال الناس وتفاوت حظهم من استحضار هذه المعاني القرآنية.. كاستحضار الآخرة ولقاء الله، واستشعار أثر الآيات القرآنية على القلب، وتأثره بها، ومن تعظيم أمر الشارع على هوى النفس والشهوات.. واستحضار عظمة الخالق سبحانه وذكره في كل وقت وحال.. وعن الثقة في خبر الله واليقين به، والتوكل عليه، واستحضار معاني الالتجاء واللوذ به جل وعلا.. وكلها معاني يجب أن يلتفت لها المؤمن ويستذكرها دائمًا في حياته.. الكتاب خفيف على النفس، لكن تأثيره كبير، إذا ما استحضر القاريء هذه المعاني في قلبه وشعر بحقيقتها فعلا.. قرأتُ الكتاب على مدار يومين تقريبًا، في أوقات غير متتابعة..  لكنه قد يأخذ منك جلسة واحدة مُتصّلة. وفي رأيي، فهو يستحق إعادة قراءته كل فترة، على الأقل كل شهر، ليستذكر بها المؤمن هذه المعاني القرآنية، وتُصبح جزء حاضر لا يغيب عن فت...

يا تهرب منه يا تتعلم منه..

سألني:  هل أنت ممن ينسى الماضي بسهولة أم ممن يغرقون في الذكريات؟ قلتُ:  يحضُرني على إثر سؤالك قول الكاتب توفيق الحكيم: "كثير من الناس يعيشون طويلا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء" لكننّي شخص نوستالجي بدرجة كبيرة يا سيّدي.. في كثير من الأحيان يصدُق عليّ قول عبدالرحمن منيف : "إذا كان الناس يفضلون في بعض الأوقات, تذكّر الأيام الجميلة من الماضي, فإنّ الأيام القاسية يصبح لها جمالٌ من نوع خاص, حتى الصعوبات التي عاشوها تتحول في الذاكرة إلى بطولة غامضة، ولا يصدقون أنهم احتملوا ذلك كله واستمروا بعد ذلك !" الماضي بالنسبة لي مزيجٌ متكامل أستحضر مشاهده بين الفينة والأخرى، لأتعلم من بعضه، ولأستحضر حالة فرح قد عشتها، وأبحث عن ذكرى أحببتها.. وأقبل ذكرى آلمتني لا يمكنني تجاوزها لكن أتفهم حدوثها وأطمئن نفسي ب" لا بأس قد ذهب الألم.. وبقيت العبرة والدرس" . . - رافيكي: اممم التغيير كويس = سيمبا: اه بس مش سهل أنا عارف هعمل إيه، بس رجوعى معناه إنّى أواجه الماضى، اللى هربت منه من زمان.. - الماضى ممكن يوجع لكن من وجهة نظرى .. يا تهرب منه أو تتعلم م...

احتراق.. أم ولادة جديدة؟

هناك مشهد  من المشاهد المميزة عندي،  في أحد أجزاء السلسلة الشهيرة -هاري بوتر-: وهو مشهد طائر الفينكس أو العنقاء كما يُترجم للعربية. يظهر لك في المشهد أن هذا الطائر يأتي عليه وقتُ ضعفٍ شديد، وكبُر سنّه، فيحترق ويتحوّل لرماد.. لكنّ هذه اللحظة لم تكن حالة فناء وانتهاء هذا الطائر، بل كانت بمثابة ولادة جديدة له، فيخرج من بين الرماد بقلبٍ جديد وحياة أخرى ينتظرها.. كذلك نحنُ في فترات حياتنا، قد نمُر بلحظات ضعف وضغوطات، قد نشعُر فيها أنّنا نحترق من الداخل، ويكاد الهم يذيب أكبادنا فنظن أنّها النهاية، ولا مخرج بعدها، ولا سبيل لاستكمال الحياة بعد هذا الحال.. لكنها الأيام تمُرّ وينفرج النور من بين ظلام الليل الحالك، ونرى فرج الله القريب. ثم نتدبر فيما قد ممرنا به، فنتعلم من التجربة، ونفهم حكمة الله في ذلك. فنجدُ أنّ هذه اللحظات، كانت لتكون بمثابة ولادة جديدة لنا لو تعلمنا من الدرس واستفدنا من الإشارات التي مرّت إلينا من خلالها، فتُغير في شخصياتنا وأفكارنا، واتجاهاتنا للأفضل، وتُصبح نظرتنا للحياة مختلفة عن ذي قبل، أكثر انتفاحًا ونضجًا.. فنعلم أنّه لو لم نكن مررنا بهذا -الاحتراق- وخضنا ن...

العمّ اللطيف، وجهازه العجيب.. وأغنية الست.

من المواقف الطريفة التي لا أنساها.. في يومٍ مِنْ أيام الجامعة نزلتُ في الصباح الباكر مع ْنسيمه العليل، استقليّتُ سيارة الأُجرة المُسمّاه بـ (الميكروباص) .. وصادفَ جلوسي بجانب رجلٍ كبير في السن، يبدو وكأنه فيما بين الأربعين والخميسن تقريبًا .. كان يمسِكُ في يده شيئًا غريبًا .. نظرتُ فإذا هو جهاز لتشغيلِ المقاطع الصوتية، أرى مِن نظرته إليه وتركيزه الشديد ..أنّهُ شغوفٌ به. تحرّكت السيارة وبعد قليلٍ شغّل الرجُل الجهازَ فإذا هي بأغنيةٍ قديمة، لا أذكُرُ لمِنْ كانت .. لأم كلثوم أو غيرها .. بدأ بتشغيل الصوت على مستوى منخفض .. -ربما كان يجسّ نبض قبول الراكبين بهذا الفعل- .. فلما وجد ألا اعتراضَ عليهِ .. وربما أنه لا يهتم أصلا، فبدأَ في رفعِ الصوتِ شيئًا فشيًئا -وكان يظهر عليه علامات الفرح واستمتاعه بالأمر.  أمّا أنا فمن عادتي وضع سماعة الهاتف في أذني وأستمع لما يحلو لي بعيد عن ضوضاء الطريق .. لكن في هذا الحال، لم أتمكن من ذلك .. إضافةً إلي أنني كنتُ أودّ قراءة شئ من القرآن قبل الوصول .. لكن صوت الأغنية سوف يشتت علّيّ القراءة ... ما الحل إذن يا كونان ؟ 😎 تحدثتُ للرجل مُبديًا إعجابي به...

ما ضَرّ لو عرفتَ "اليمامة الأخرى"!

في يومٍ من الأيام، كُنت ذاهبًا لأحد الأماكن البعيدة، ومِن عادتي أن أصطحِب كتابًا من الكُتب المفضّلة معي، حتى إذا سنحت لي فُرصة مناسبة ومِزاجٌ متوافق، أخرجتُ الكتاب وتُهت فيه، بعيدًا عن صخب الطريق. بعدما جلستُ في الحافلة أخرجتُ كتابًا للرافعي، وكان الجزء الأول مِن وحي القلم.. كان عندي منذ مدة، لكنّي انشغلتُ عنه بقراءةٍ أخرى، وكنتُ أقرأ منه على غير ترتيبه، فأقرأ من الفقرة التي تُناسب مزاجي، فقررتُ هذا اليوم أثناء هذه الرحلة القصيرة، أن أقرأ أول مقال، وكنت قد قرأت بعضَه أو شيئًا منه جذبني لاستكماله.. وهو مقال" اليمامتان" .. مقالٌ جذاّب ماتع، يأخذ بلُبّك وخيالك إلى زمن الأحداث كأنها معاينة لا استقراء أو قصص.. فيه من اللطف وجميل الوصف، والدلالات المميزة.. تقرأ فتبتسم، ثم تقرأ فتضطرب، ثم تقرأ فتشعر كأن الدمع قد قرر ينحدر من عينيك بلا اسئذان.. ولا أخفيكم سرًا، أنّهُ من طبيعتي إذا تأثرتُ سواء كان فرحًا أم حزنا.. يظهر ذلك جليًا على وجهي لمن يعرفني، وربما لمن لا في بعض الأحيان. فأجهدُ في إخفاء ذلك فتفشلُ محاولاتي، حتى ينتهي بي المطاف فألجأ إلى أيسر الطريقين وأشّقهما على نفسي...

رحلة في فصول الحياة (1- لستُ حلّال مشاكل العالم).

عليّ، من دون شك، أن أسلك بحسب ما تمليه عليّ بصيرتي إذا كنت أريد أن أبذل طرقي القديمة التبي بنيتها على الأوهام، ولكن مثل هذا السلوك لا يقبل المواربة، بل يتطلب التزامًا عميقًا، ودعمًا عاطفيًا، كما أن عليه أن يصبح قسمًا من طريقة حياتي. أنا لا أتعلم حقيقة جديدة إلى أن تترسخ تلك الحقيقة في صلب سلوكي اليومي. وهذا ما يشكّل ضغوطات تُحدث أصواتًا هي أقرب إلى" الطقطقة" أو " السحق"، وما هي إلى  بعض آثار" العناء". لنفترض جدلًا أنني أعتبر ذاتي "حلّال مشاكل العالم"، وأن تلك دعوتي. لكنّي عندما أتبصّر مليًّا أرى كم أن تلك " الدعوة" غير عقلانية. فهي تعني أولًا أنّ ليس لدى الآخرين النضج الكافي ولا العقل الراجح لحل مشاكلهم. ثم أن النيابة عن الآخرين في حل مشاكلهم تغذّي عندهم روح التردد وتحول دون نضجهم الشخصي. كما أنّها تُغذّي لديهم روح الاتّكالية. وأخيرًا أن أكون "حلّال مشاكل" فذلك عمل غير واقعي وعبء ثقيل. إنّه لمن البلاهة بمكان أن يحاول المرء حمل أثقال العالم على كاهله. إن الامتحان الحقيقي لنموّي في هذا المضمار سيحدث عندما يأتي إليّ مرّة ...

الخُلق الحسن.. كيف تروي بذرة الخير في نفسك؟

- باختصار وإيجاز في عدة نقاط: فمن وسائل تحسين السلوك واكتساب الأخلاق..  1- تصحيح العقيدة "إنَّ أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وإنَّ حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة" 2- استخلاص الأثر التزكوي من العبادات "وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ" 3- التدريب العملي والرياضة النفسية للنفس على اكتساب الأخلاق "ومن يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله" 4- التفكر في الآثار المترتبة على حسن الخلق "أثقل شيء في الميزان حسن الخلق" " وإنَّ حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة" 5- النظر في عواقب سوء الخلق قال الإمام ابن القيم: "وذلك بتأمل ما يجلبه سوء الخلق من الأسف الدائم، والهمِّ الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرء إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، وينبعث إلى محاسنها." 6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...

جرحٌ طاهر..

- كان حبّها من الصُّدف الجميلة، العجيبة،المُحّيرة، والمؤلمة أيضًا! = كيف يكونُ الحُبّ جميلا ومؤلمًا في نفس الوقت يا سيّدي؟ - كما تكونُ الزهرةُ اليانعةُ مصدرَ الجمالِ والألمِ في نفس الوقت! تحمل في طيّاتها الجمالَ والعذوبة والحُسن الأخّاذ، فإن اقتربتَ منها اقترابًا جاوزَ الحدّ، أصابكَ الشوكُ والألم.. وليسَ الجُرح في الحبّ للقلبِ كجُرح الشوك للإصبع!. فما جُرح الأصابعِ إلا خدشٌ صغير ما يلبثُ إلا أن يلتئِم في يومٍ أو بعض يوم.. أما جُرح القلبِ فما ينفعه مرورُ الساعاتِ ولا الأيام. ولا أرى دوائًا يُطبّبُ الجُرحَ ويرقّعُ الخرق إلا بملامسة أوراقها الرقيقة وشذاها الطيّب موضعَ الألَم ومنفذ النزيف.. فيختلطُ رحيقُها العذْب بدماءِ الحبُ فيُطّهره مِن عطَبِ الأيام ووحشة البُعد وقسوة الطريق.. . #خاطرتي.. .

اللهُ عوّدَني الجميل.. ( لُطفًا ورحمة )

في فترة من الفترات أصابني تعب شديد أجهدني كثيرا .. وكان من آثاره الصداع الدائم طوال اليوم حتى كان يمنعني من النوم .. وحتى بعد الاستيقاظ من النوم يظل الصداع مقيمًا في رأسي كضيفٍ ثقيل.. كان هذا التعب يصحبه ألم في جميع جسدي . أستمر حوالي أسبوعًا أو ما يزيد قليلا.. لكنّه كان يُعطّلني عن الكثير، إضافةً للحالة المزاجية السيئة جرّاء ذلك. وفي هذه الفترة ما كنت أدعو بالشفاء بالتعيين .. وإنما فقط كنتُ أدعوا الدعاء المأثور: فأقول اللهم عافني في بدني، وعافني في سمعي ..إلى آخر الدعاء. حتى جئت في يوم وبلغ مني التعب أقصاه.. وكنت قبيل النوم.. فدعوت الله دعاء المحتاج الباكي لا أذُكر صريحَ ما دعوتُ بهِ لأنه كان مُرتجلا عفويًا، ربما أتذكر شيء من معناه فكأني أقول" اللهم أنت سبحانك بيدك الأمر وأنت على كل شيء قدير .. وتعلم حالي يارب .. فاشفني شفاء من عندك وخفف عني .. وتب علي واغفر لي " فسبحان من بيده الأمر ، يقول للشيء كن فيكون.. أستيقظت في يومها وكأني لم يصبني شيء . كأنه كان حُلمًا استيقظتُ منه ولم يبق إلا آثاره فقط ! بالطبع لا أقول هذا فيظُنّ الظان أن ذلك كرامةً لي، أو شيء من هذا.. لك...

إشارات على الطريق..

في سياق حياتي، وأنا أبحث جادًّا عمّا يحقق ملء الحياة فيّ، تعلمت أنّ أهم لحظات وجودي وأبعدها أثرًا في حياتي، هي تلك التي أحسست فيها أنّني "أبصرت" جديدًا. ونفاذ البصيرة هذا، الذي يعطي عالمي أبعادًا جديدة ويعمّق مشاركتي في الحياة، يفاجئني كفرحة عيد قد نسيتها وهو يطل أحيانًا، متسللًا كالفجر، وفي جعبته هدّية من نور الحياة. وإذا سُمح لي أن أبحث في خفايا حياتي، عن بعض أمثال في" التبصّر" أحدثت فيها تغييرًا عميقًا، فلا بدّ لي أن أسرد ما يأتي: 1- بعض المزايا غير المحببة التي أجدها في نفسي أو عند الآخرين (كالكذب، والتبجّح، والنميمة، ونوبات الغضب، إلخ.) كلها صرخات ألم أو استغاثة. 2- النظرة الإيجابية إلى الذات هي أثمن ما تتحلّى به شخصية إنسان. 3- النجاح والفشل في إقامة علاقات إنسانية رهن خاصّة بالنجاح والفشل في عملية الإتصال بالآخر. 4- من الضرورة بمكان أن يتعرّف المرء على عواطفه ويعبّر عنها، إذا ما أراد أن يعيش بسلام داخليّ، ويخلق علاقات ذات معنى مع الآخرين. 5-أنا لست مسؤولا عن حل مشاكل الآخرين، وكلما حاولت القيام بذلك، ثبَّتُّ الآخر في حالة اللانضج، وأسهمت في إنماء...

العابر..

كان يمشي واهيَ الخطو حزينًا شاردَ الطرف رهيبًا في خُطاه وجهُهُ المغبّر يطوي , في تجاعيدِ الأسى بوحَ جراحِه كان في أحداقه سيل دموع.. ولقد كان سجينًا بإسار الصمت، باستغراقه في الحزن , والتحديق في الأفق البعيد ومضى عنّا وما عدنا نراه دون أن نفلح في إدراك أغوار أساه ظلّ لغزًا في العيون مثل وهمٍ لا يُصدّق ظلّ بابًا في ضمير الغيب مغلق *** نحن كم جئنا إليه وابتهلنا أن يعرّي , حزنه المدثور بالكتمان والصمت الرهيب وفتحنا شرفة القلب له , وغمرناه بسيلٍ من حنان كان لا يعرف معنى الإبتسام كان يحيا عُمرَهُ دون كلام فهو دومًا صامت الحرف يعيش الكلمة في أتونِ الشوق في عينيه في قلب الحياة *** أمس والظلمة كانت تحضن البلدة والليل حزين كنتُ وحدي , أعبر الدرب إلى بيتي القديم أنقل الخطو وفي الأعماق ينمو , ألف إحساسٍ كئيب ينسج الليل مع الوحشة والخوف طريقي كنت وحدي وخيالات من الأمس القريب زاحمت فكري وهزّت , خافقي الثاوي بعمق اللاقرار وتحقّقتُ يقينًا أنّ درب الغربة ِالسوداء دربي أنّني أمخر في المنفى بحارًا وبحار مرفأي ضيّعته , والمركب المهزوم تنئيهِ الرياح فجأةً لاح أمامي , ...

زفراتُ نفسٍ تحترق..

أيّ لهيب هذا الذي يُحاصرك من كل مكان؟ كل الأزاهير في قلبك تحترق تباعًا، فتذروها الريح دخانًا يشرد في كل اتجاه! كل الأشياء التي بين يديك، سلاسل تربطك إلى التراب؛ فتثَّاقل عن الانطلاق بعيدًا عن معتقلات مملكة الرماد! أيّ كون؛ أم أي سجن؛ هذا الذي ترزح فيه؟ ولا نافذة تنفرج منه إلى السماء! ويحك يا صاح! هذه أشياؤك التي تعبدها تلاحقك كل مساء فتتحطم فوق رأسك، ثم تبيت ليلتك تئنّ تحت ركامها! وتستيقظ صباح كل يوم، لتدور كالآلة في دوامة رتيبة، ترشقك مسامير ذلك الضجيج نفسه، وتخنقك رائحة تلك الملفات نفسها، وتلهب وجهك لفحات الحرائق ذاتها.. وتطول آمالك، وتتسع أطماعك، وتمتد عيناك إلى مختلف الأشكال والألوان.. ولا تخرج عن نطاق أشيائك، التي لا تعدو أن تكون -في نهاية المطاف- مجرد حِفنةٍ من تراب! وتجري بكل قواك خلف متاعها، تحرق في سبيل امتلاكها كل الطاقات، وقد لا تصل فتشقى.. وقد تصل، فما أن تضع يدك عليها حتى تصير مغلولة إليها! فإذا بك -وقد سعيت لتكون مالكًا- تصبح مملوكًا، لا تستطيع الفكاك! ثم تشقى أيضًا! كم زينت لك الكلمات البراقة في إعلانات الإشهار أن تكون إلهًا! فبنيت القصور من حديد وحجر، وأجريت م...

صباح الخير أيها الحُزن..

صحوت من نومي فوجدت نفسي حزينا بلا سبب سألت نفسي : هل أغضبني أحد قبل أن أنام ؟ لا .. هل فقدت عزيزا فأحزنني فقده ، لا .. هل أغضبت صديقا فندمت على ذلك ؟ لا .. هل طعنني صديق في ظهري فآلمتني خيانته ؟ لا . لماذا إذن هذا الحزن الشفيف الهادئ الذي يغلّف أحاسيسي في هذا الوقت من الصباح ؟ و لم أجد جوابا مريحا فسلّمت بأنها زيارة عابرة من هذا الرفيق القديم الذي يطل علىّ من حين لآخر فيطيل زيارته أو يقصرها حسب الظروف ثم ينصرف إلى حال سبيله . و قد علّمتني تجاربي ان أحسن استقباله حتى يرحل عني بسلام .. و من وسائلي في ذلك ألا أسأله لماذا جاء .. و لا متى سيرحل إذ ليس من حسن الادب أن تسأل ضيفا حتى و لو كرهته لماذا جاء يزورك .. و إنما عليك أن ترحب به و أن تكرم وفادته و أن تتجاهل السؤال عن موعد رحيله إلى أن يهّم بالانصراف فتلح عليه في الرجاء بأن يبقى حتى موعد الغداء .. فيعتذر .. و ترجو فيعتذر ثم تضطر آسفا إلى قبول اعتذاره . هكذا جلست معه أحتسي القهوة و أفكر .. ثم استأذنته بعد قليل في سماع شئ من الموسيقى يناسب المقام .. فانسابت أنغام قطعة من الموسيقى الشرقية التي تثير الشجن .. إلى أن بدا عليه أنه يهم بال...